للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان الفرق بين مطلق الشيء والشيء المطلق]

السؤال

ما الفرق بين مطلق الشيء والشيء المطلق؟

الجواب

مطلق الشيء معناه أصل الشيء، والشيء المطلق يعني: كل شيء، فإذا قلت: مطلق العلم فهو يعني: أصل العلم عند العبد، ولا يمكن أن يبقى، ولو قلت: إن العلم المطلق عند العبد فهذا كلام لا يصح، فالأصح أن تقول: هو على علم علمه الله هذا العلم، ورزقه الله علماً، قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ} [النحل:٥٣]، بل الأصل في العبد الجهل والظلم قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ} [النحل:٧٨]، فهذا إثبات أن الأصل في العبد الجهل، أي: أن هذه الصفة مكتسبة.

فالكمال المطلق لله جل وعلا، فلو أتيت إلى أخ طيب كريم وقلت له: يا سيد! أعطني كذا، ووقعت في محظور أو في نهي عن أن تقول للعبد: يا سيد؛ لأن في المسألة نهي، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال للمنافق: يا سيد فقد أغضب الله) والحديث صحيح، وأصل الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: يا سيد قال: (قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان) وفي رواية أخرى قال: (إنما السيد الله).

والفرق بينهما أن الإطلاق بالألف ولام التعريف، كما تقول: رب البيت رب الدار، وهذه تقول: الرب في البيت؛ لأن لفظ الرب مطلقاً يكون لله جل وعلا.

ومثال ذلك قوله: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} [لقمان:٣٤] هذا مطلق لله جل وعلا، فإن الله يعلم ما في الأرحام، يعلم الله جل وعلا أولاً من التقاء الحيوان المنوي مع البويضة والتخصيب، ما أحد يعلم بحال من الأحوال هذا الأمر، هل الحيوان المنوي يخصب البويضة أم لا؟ هذه مطلقة يعلمها الله، والله يعلم ما في الأرحام.

الثاني: عند التكوين بعد الالتقاء حين تكون مضغة وعلقة إلى آخر الأطوار، فهذه لا يعلمها إلا الله جل وعلا، ذكر أم أنثى لا يعلمه إلا الله جل وعلا، حاله في الحياة لا يعلمه إلا الله جل وعلا، رزقه لا يعلمه إلا الله، أيختم عليه بخير أم بشر لا يعلمه إلا الله، أما بالنسبة لعلم الأطباء فهو مثل واحد زائد واحد يساوي اثنين، من أين أتيت بهذا؟ أثبت الجواب من مقدمة ونتيجة، فممكن أن النظرية هذه تصيب وممكن أن تخطئ، والنظريات تخطئ، فعلم هؤلاء البشر يكون بمقدمات، فيستنتجون من المقدمات هذه النتائج، فيقولون: لو حدث كذا فسيحصل كذا، فيقولون مثلاً: الأمطار ستنزل غداً إن شاء الله؛ لأن هناك سحابة ينتظر منها المطر، فممكن يخطئ هذا الظن وممكن يصيب، ونفس الأمر: كثير من النساء يذهبن يفحصن نوع الجنين فيقال لإحداهن: أنت ستأتي بذكر، فتأتي ببنتين وليس بذكر! وهذا يحدث حقاً، فهي مسألة مقدمات ومسائل يعلمها من يتقنها وعلمهم لما في الأرحام هو بعد التكوين، لكن قبل التكوين لا يعلم إلا الله.