[الجمع بين استواء الله على عرشه مع نزوله إلى سماء الدنيا]
إن قيل: لماذا لا يخلو العرش من الله وهو مستوٍ عليه إذا نزل إلى السماء الدنيا؟ فنقول: إذا قلت بذلك فقد جسمت، يعني: شبهته بالخلق؛ لأن السماء في نظرك تظله أو تقله وهذا ليس بصحيح، بل الكون كله في يد الرحمن كحبة خردل في يد أحدكم، فمن قال: إن الست السماوات تظل الله جل وعلا، فقد شبه الخالق بالمخلوق؛ لأن نزول الله ليس كنزول المخلوق، فأنا لو نزلت تحت الطاولة مثلاً فهي تظلني، وإن كنت عليها فهي تقلني؛ لأنني مخلوق، فلو قلت: إن السماوات الست تظل الله جل وعلا فقد شبهت الخالق بالمخلوق حتماً، وإن لم تصرح بذلك، لكن نقول: ينزل نزولاً يليق بجلاله، ولا يخلو منه العرش، والكون كله في يده سبحانه كحبة خردل في يد أحدكم، فنزوله صفة من الصفات التي تدل على كماله.
ولو قلنا: إن السماء تظله أو تقله لكان محتاجاً لها وحاشا لله، بل كل المخلوقات تحتاج إلى الله، قال سبحانه:{وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[الحج:٦٥] فهو قريب في علوه، وعال على عرشه حين ينزل إلى السماء الدنيا سبحانه.
وهذه يقبلها العقل؛ لأن الله جل وعلا قادر على كل شيء، وصفات الله لا يمكن أن تشابه صفات المخلوقين.