[صفة الوجه]
دل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن من صفات الله عز وجل: الوجه، قال تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٧]، وقال جل وعلا: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص:٨٨].
وهو من الصفات الذاتية الخبرية، وسميت خبرية لأنه غير ممكن للعقل أن يأتي بها أبداً، وإنما ورد بها السمع، فهي صفة ذاتية لا تنفك عن الله، أزلية أبدية، وهي ثبوتية لأنها غير منفية، وهذه الصفة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، ويمكن تجوزاً أن يكون لها دليل من العقل.
أما ثبوتها بالكتاب فقد قال الله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٧]، ولو قال: (ذي) لكانت ترجع إلى قوله: (ربك).
وقال جل وعلا: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:٨٨]، فأضاف الوجه إلى الله جل وعلا، والمضاف إلى الله نوعان: أعيان ومعان، فإضافة الأعيان هي إضافة تشريف، مثل: الكعبة بيت الله، عيسى روح الله، محمد رسول الله.
أما المعاني فهي إضافة صفة إلى موصوف، والوجه صفة من صفات الله أضيفت إلى الله جل وعلا.
وأما ثبوتها بالسنة ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل قال: (وما بين القوم وبين أن يروا ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه سبحانه وتعالى)، فإذا كشفه رأوا الله جل وعلا.
وأيضاً في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، ويرفع إليه عمل النهار قبل الليل، حجابه النار) وفي رواية: (حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه).
والشاهد فيه قوله: (حجابه النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه) أي: وجه الله، فالهاء عائدة على الله جل وعلا، فالوجه مضاف إلى الله جل وعلا.
وقوله: (سبحات وجهه) أي: أنوار الله جل وعلا.
وأما ثبوته بالإجماع فقد أجمع سلف الأمة على أن لله وجهاً يليق بجلاله وكماله، لا يشبه وجه المخلوقين، كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١].
ولا نكيف وجه الله جل وعلا الذي له العظمة والبهاء.
وقد وصف لنا الله جل وعلا بعض الصفات التي يتصف بها وجهه ومن هذه الصفات: الصفة الأولى: أنه ذو جلال وإكرام، قال تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٧].
الصفة الثانية: البقاء، قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:٨٨] وهذه من صفات الله الأزلية الأبدية.
الصفة الثالثة: البهاء والعظمة، قال صلى الله عليه وسلم: (لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه) أي: بهاء الله جل وعلا، وعظمة وجه الله.
فهذه صفات وجه الله، وهي ثابتة بالكتاب وبالسنة وبإجماع الأمة، وله صفات البهاء والعظمة والجلال الإكرام والبقاء، فهذه صفات أزلية أبدية.
وعندما نعتقد أن لله وجهاً نشتاق لرؤية وجه الله جل وعلا، والمسلم إذا نظر إلى وجه الله فإن الجنة لا تعدل عنده شيئاً، فلا يمكن لنعيم أن يوازي نعيم النظر إلى وجه الله جل وعلا.
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (وأسألك لذة النظر إلى وجهك)، وإذا لم نعتقد أن لله وجهاً فكيف نسأل الله جل وعلا أن ننظر إلى وجهه الكريم؟!