من فضل الله على العباد ورحمته بهم أن جعل الإيمان يتفاضل زيادة ونقصاناً، وذلك لأن العباد ليسوا معصومين من الخطأ إلا من عصمه الله، فلو كان كل من وقع في كبيرة كفر -كما زعمت الخوارج- ثم في الآخرة يخلد في النار كما زعموا هم والمعتزلة؛ لكان هذا تكليفاً بما لا يطاق، وحاشا الشارع الحكيم عنه، وليس الأمر كما زعمت المرجئة أن الإنسان له أن يفعل ما يحلو له من الفجور ثم يكون مؤمناً كامل الإيمان، كجبريل والصديق، ما دام أن أصل الإيمان في قلبه، وهذا تنافيه الحكمة الإلهية والعدل الرباني بين العباد، وإنما من فعل معصية دون المكفرات فهو فاسق بمعصيته مؤمن بأصل إيمانه، وهذا قول الفرقة الناجية والطائفة المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة.