اختلف أهل العلم هل رأى محمد ربه جل وعلا في الدنيا أم لا؟ وذلك على قولين: القول الأول: وهو قول جمهرة من السلف ومن الصحابة، وهو قول عائشة، وابن مسعود، وأبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، وكثير من السلف، حيث قالوا: إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم ير الله جل وعلا في الدنيا بعينه ولكن رآه بقلبه، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى لموسى عندما سأل الله أن يراه {قَالَ لَنْ تَرَانِي}[الأعراف:١٤٣]، واستدلوا أيضاً بحديث في الصحيح وهو أنه لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم فسأله أصحابه:(أرأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه؟!)، وفي رواية أخرى:(أرأيت ربك؟ قال: رأيت نوراً) والأصح في هذا النور أنه الحجاب؛ لأن الله جل وعلا حجابه النور، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأرضاه:(إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يرفع القسط ويخفضه)، ثم قال:(حجابه النور إذا كشفه أحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)، سبحانه وتعالى، فالنبي صلى الله عليه وسلم: رأى الحجاب عندما وصل إلى سدرة المنتهى.
القول الثاني: وهو قول ابن عباس، ورجحه الحافظ ابن حجر وبعض المتأخرين: أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعينه في الدنيا، ويراه في الآخرة، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}[النجم:١٣ - ١٤]، وفي الحديث: سئل النبي صلى الله عليه وسلم (هل رأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه)، وفيه رواية قال:(نور إني أراه)، يعني: أرى الله جل وعلا، فلكل دليل ولكل وجهة هو موليها، والخلاف معتبر.