للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[علم الشهادة]

العلم علمان: علم شهادة وعلم غيب، أما علم الشهادة فكله بجزئياته وكلياته يعلمه الله جل وعلا، وقد فرق الله بعض العباد بعلم الشهادة ممن اصطفاهم على البشر وعلى الناس، اصطفى ملائكة فعلمهم، واصطفى من البشر هم الأنبياء ثم الأولياء والعلماء الذين هم ورثة الأنبياء، فكفى بهم شرفاً أن يعلمهم الله من علم الشهادة، وذلك أن الله قد وسم ووصف بعض عباده بالعلم، قال جل وعلا مادحاً ليوسف عليه السلام: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف:٧٦]، وقال عن أبيه: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:٦٨]، والنبي صلى الله عليه وسلم بين شرف العلم وشرف العلماء فقال: (العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر)، فهذا يبين أن علم الشهادة يمكن للعبد أن يتعلمه.

والله يصطفي من رسله من يشاء ليعلمهم، كما في الصحيح في قصة موسى والخضر عليهما السلام، لما جاء موسى إلى الخضر، وقال له: أنت على علم علمكه الله لم يعلمنيه، وأنا على علم علمنيه الله جل وعلا لم يعلمك إياه، ثم نظر إلى عصفور نقر في البحر، فقال: ما علمي وعلمك إلى علم الله جل وعلا إلا كما نقر هذا العصفور من البحر.

فعلم الشهادة يشترط العباد بما علمهم الله جل وعلا: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ} [النحل:٥٣] أفضل النعم على الإطلاق بعد الإيمان والتقوى هي العلم، بل العلم أفضل من الشهادة، وورد في بعض الآثار وإن احتاجت إلى تحقيق السند: مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء، نقول هذا دم، فطلب العلم أفضل الأعمال على الإطلاق، والعالم شهيد وزيادة، فالعلماء هم الذين فضلهم الله بعلم الشهادة.