بفتور الجفن كم تركا ... عاشقاً بين الورى مثلا
فتنا الألباب من دعج ... بسواه قط ما اكتحلا
كم أمالا الصب عن أمل ... يرتجيه بائساً خجلا
حرساً ورد الخدود فلم ... نر صبا نحوه وصلا
وإذا ناما فإن له ... حارساً في الصدغ ما غفلا
ويح مضناه فليس على ... ما سوى أحزانه حصلا
فيه كم أصبحت ذا كلف ... متلف طفلاً ومكتهلا
حيث يمسي مبرداً كبدي ... دمع عين ظل منهملا
أرقب الأفلاك منتظرا ... لصباح ينتج الأملا
وعذول جاء يؤلمني ... بملام عنه ما عدلا
قائلاً خفض على كبد ... في الهوى قد أكسب العللا
فأنادي خل عن عذلي ... فلي التعذيب فيه حلا
وافتضاحي في هواه أرى ... حسناً والذل محتملا
من يقل تهواه قلت نعم ... أو يقل تسلوه قلت بلى
في هواه رق لي غزلي ... بعد أن لم أعرف الغزلا
ولعمري سوف يبصرني ... عن غرامي فيه مشتغلا
بامتداحي من ببعثته ... لجميع الأنبيا فضلا
شرّف الله الوجود به ... وكذا الأملاك والرسلا
كل خير في الوجود فمن ... يمنه حقاً لقد وصلا
رحمة عمّ الوجود فما ... أحد عنه تراه خلا
قد أبان الحق مبعثه ... حيث ظل الشرك عنه جلا
كامل ما مثله أحد ... كل وصف فيه قد كملا
إن مدح الخلق قاطبة ... دون علياً مدحه سفلا
ليس يحصى الناس كلهم ... ما عليه خلقه اشتملا
إن عجز المرء عن جمل ... من معالي عزه جملا
فاعترف بالعجز يا لسنا ... وتذلل واترك الجدلا
أن يقس بالرسل أجمعهم ... فهو حقاً خيرهم رجلا
وهم نوّابه ولهم ... نظر منه لقد شملا
ونبياً كان حين بدا ... آدم في الطين منجدلا