فوجدتها فائقة فريدة ضمن فيها البيت المشهور
وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تسطعه الأوائل
وهي تنبئ عن بعض أحواله وسنى أقواله ولنذكر شيئاً من شعره لأجل التبرك فمنه قوله رحمه الله تعالى
صدّ عني فرد التثني لأني ... في هواه ما زال كلي يصبو
وتمادى في الهجر يبدي دلالا ... وجواد الوداد لم يك يكبو
ليت ذا قبل أن يذيق لماه ... في حماه وقبل شوقي يربو
منّ بالوصل ثم أعرض عني ... سلوة قطعه العوائد صعب
فتطلبت سلمه دون حرب ... حيث قلبي ما مسه عنه قلب
فانثنى نافراً وزاد تجني ... هكذا هكذا الغزال المحب
وبهذا تمّ الغرام ووجدي ... ثار والشوق ناره ليس تخبو
ولصبري فقدت من فرط كتمي ... ما على فاقد التصبر عتب
ولمن قد هويت ذكرت أشدو ... قول صب ذاق النوى وهو خطب
ما جزا من يصدّ إلا صدود ... وجزا من يحب إلا يحب
وقال مخمساً
يا فريد الجمال لا تجف صبا ... صب دمع العيون كالسحب صبا
لم يمل قلبه إلى الغير قلبا ... غائباً في الشهود ما زال حبا
لمعاني بهاء حسنك يصبو
لا وحق الجمال يا نور عيني ... ما حلا غيركم لقلبي وعيني
وجلال جلا غياهب غيني ... ووصال الوصال من عين عيني
ما جزا من يحب إلا يحب
وقال أيضاً
ما هبّ من نحوكم نسيم صبا ... إلا وقلب الفتى إليه صبا
ولا سرى حادي لأرضكم ... إلا وأذكى بمهجتي لهبا
ولا شدا مطرب بقربكم ... إلا براني وجدا بكم إربا
ولا دنوتم لناظري زمناً ... إلا ونادى المشوق وأطربا
ولا تذكرت عيشة سلفت ... بالخيف إلا وصحت واحربا
ولا تحدثت عن وصالكم ... إلا وأجريت أدمعي سحبا
لله أيام نزهة شرفت ... في ظل من شرفوا مني وقبا