مدام غذاء الروح والجسد الذي ... ترنحه الآداب وهي النفائس
فقد تسكر الارواح من غير خمرة ... فغيبتها ذاك الحضور المماسس
لراح المعاني نشوة أي نشوة ... إلى شربها تنحو الكرام الاكايس
فتفعل بالالباب ما تفعل الطلا ... إذا كان ساقيها الهمام المجالس
على على القذر من بحر فضله ... مديد طويل وافر لا يقايس
وله من قصيدة ممتدحاً بها والدي أيضاً مطلعها
على مقام دونه الأنجم الزهر ... هو الراح والريحان والورد والزهر
تجلت له الأسرار من ملكوتها ... فحفت به الأنوار ما الشمس ما البدر
إلى أن سرى في سائر الكون سره ... فنور أسرار الورى ذلك السر
وحل حلول القطر في القطر كم فتى ... رآه أتى كالعبد وهو الفتى الحر
إذا افتخرت بين المدائن جلق ... وأبدت به تيهاً وحق لها الفخر
وقد لبست منها غلائل زينة ... كما زين الغلمان ما زانه النحر
زان فخرت مصر وقالت لجلق ... بي النيل نهر هل يقاس به نهر
تقول نعم بالشام سبعة أنهر ... كذا بر بر ليس يعد له بر
واني أنا الفردوس في الأرض جنة ... ولي بحر فضل بين أقرانه حبر
نعم ان في كفيه عشر أنامل ... مقدسة في كل أنملة بحر
مرادي وروحي بل ملاذي ومنيتي ... على على القدر دام له العمر
فتى في الورى تروى أحاديث فضله ... معنعنة قد طابق الخبر الخبر
ورتبته فوق المراتب كلها ... وما ثم في اثنا طريقته وعر
فما عزه عز وما قاده هوى ... ولا عابه تيه ولا شأنه كبر
ولا هو مثل الغيران زاد رتبة ... يميله من فرط اعجابه السكر
وما دابه الا اجتلاب خواطر ... بكل طريق في ميامنه الشكر
فقوله مسموع وأمره نافذ ... يقل ما يشا يسمع لقولته الدهر
تراه كمثل الغيث والليث في الوفا ... وفي الدفع عمن في حماه له خدر
فلا نقص الغيث الهتون بقطره ... ولا مس ليث الغاب في دفعه ضر
وله غير ذلك من النظم وكأنت وفاته في حدود السبعين ومائة وألف باللاذقية رحمه الله تعالى وأموات المسلمين.