فقال المنيني
وغرد الطير في أعلى أرايكها ... والنهر صفق بالأمواه من طرب
وقد كستها يد الانواء طرز حلي ... للنبت يختال في أثوابه القشب
فقال هو
وصاغ جدولها للغصن من ورق ... خلاخل الحلي والتيجان من ذهب
فقال المنيني
يستوقف الطرف من لالاء بهجتها ... نور من النور أو ورد من الحبب
إذا شدا بلبل الأفراح ينعشها ... أجابه عند لبب اللهو من كثب
وأن سرى نحوها جيش الصبا سحراً ... تدرع النهر واهتزت قنا القضب
فقال هو
فمن ثراها عبير المسك قابلنا ... وفي حماها نرى الحصباء كالشهب
فقال المنيني
طبنا بطل نما في حجر دوحتها ... مذ شب يبدو لنا في زي محتجب
فقال هو
مع كل مولى كان الله صوره ... من زهرة الفضل أو ريحانة الأدب
فقال المنيني
ان لاح أحجل بدر التم في شرف ... أوفاه بالقول أزرى بابنة العنب
ولما ارتحل الأديب سعيد السمان إلى الديار الرومية اجتمع به وتردد إلى داره كثيراً وكان كلما حضر عنده يملي عليه من راح آدابه أكواباً ويفتح له من كل ما ترتاح إليه النفس أبواباً وكتب إليه السمان المذكور هذه القصيدة
ظمأى لمنهل ثغرك الوباص ... وتشوقي للقاك واستشخاص
مالي وللاحي الملح بلومه ... غلب الغرام ولات حين مناص
كيف الخلاص وهل يلذ لمدنف ... دامي الفؤاد وليس بالخراص
نسجت عليه يد الهوى ثوب الضنا ... حتى اختفى عن أعين الأشخاص
يصغي لترجيع الحمائم في الدجى ... فيئن منه كأنه المخماص
ما ساء التبريح في طرق الجوى ... الا الملام وقالة النقاص
عذراً له يا ناهجي نهج الهوى ... فدموه في الحب غير رخاص
كيف التخلص من يدي رعبوبة ... سلبت حجاه بطرفها القناص
رقصت مناطقها وقلبي للقا ... كتراقص الأطيار في الأقفاص