وتغزل الشعراء في مستبهم ... ذاتاً كاسماً ليس بالمحجوب
والشعر منه محرم نحو الذي ... أعجمت معربه يمين غيوب
فليبك من عدم البلاغة نفسه ... بتفجع وتوجع ونحيب
خذها معارضة بغر دلائل ... تروي خصوم البحتري وحبيب
ما اسم المعارضة أقتضي شيأً وقد ... ذبت عن الاعراض ذب مصيب
أطلعت شارقها بأفق فصاحة ... شمساً تسامت عن خنوس غروب
وللأديب عبد الله الطرابلسي من هذا القبيل قوله
خل بيني وبين نظم القريض ... إن فيه شفاء كل مريض
فهو عوني لهجو كل لئيم ... وامتداح لذي النوال المفيض
لي يراع يراع كل هزبر ... منه إذ فاق فتك سمر وبيض
غرر تشبه العقود نظاماً ... أشرقت شمسها بأفق العروض
وقواف تفوق حلي العذارى ... قد تحلت وما بها من غموض
لعبت بالنهى كنفثة سحر ... ما لمن رام سبقها من نهوض
من عذيري من فعل وقت مسئ ... عامل الحبر دائماً بالنقيض
كل غمر مقامه في الثريا ... والأديب الأريب تحت الحضيض
آفتي فطنني وكل غيي ... هو في عيشه بروض أريض
وللمترجم مادحاً اسعد باشا ابن العظم والي دمشق الشام وأمير الحاج مؤرخاً قدوم مولود له وذاكراً واقعته مع الجند بقوله
تبسم ثغر السعد عن شنب النصر ... فضاء به أفق المسرة والبشر
وأصبح روض الشرع في الشام ناضراً ... وقد كاد يذوي من ضرام ذوي الخسر
وشمنا بروق العدل تلمع في الضحى ... أشعتها ترمي الخوارج بالقهر
هم فتية عاثوا الديار وأفسدوا ... فليسوا يروا الأثمالى من الخمر
فكم بنت خدر قد أماطوا لثامها ... وكان محياها خفياً عن الخدر
وكم قد أراقوا من دماء تجاهراً ... وكم سلبوا ما لا يضيق عن الحصر
وكم أشهروا في المصر عضباً ليلجئوا ... لطاعة ما ناموا عن النهى والأمر
وكم قاتل عمداً ترتب قتله ... أجاروه من سيف الشريعة بالقسر
وكم عطلوا الشرع الشريف بجورهم ... أسفاهاً وقالوا الحق بالبيض والسمر
وكم تخذوا ليل الصيام لمنكر ... ولم تثنهم عن اثمهم ليلة القدر
تراهم نشاوى بالمعازف والطلا ... عكوفاً على متن الشوارع للفجر