الأرزاق والأقوات والثمار وأنواع ذلك ناسب ختمه بالإيمان الداعي إلى شكره-تعالى-على نعمه.
ومن ذلك قوله: {وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون (٤١) ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون} [الحاقة: ٤١، ٤٢] /، حيث ختم الأولى ب} تؤمنون}، والثانية ب} تذكرون}. ووجهه أن مخالفة القرآن لنظم الشعر ظاهرة واضحة لا تخفى على أحد، ] فقول [من قال: شعر، كفر وعناد مخض، فناسب ختمه بقوله:{قليلا ما تؤمنون}. وأما مخالفته لنظم الكهان وألفاظ السجع فيحتاج إلى تذكر وتدبر، لأن كلا منهما نثر، فليست مخالفته له في وضوحها لكل أحد كمخالفته الشعر، وإنما تظهر بتدبر ما في القرآن من الفصاحة والبدائع والمعاني الأنيقة، فحسن ختمه بقوله:{قليلا ما تذكرون}.
ومن بديع هذا النوع: اختلاف الفاصلتين في موضعين والمحدث واحد لنكتة لطيفة، كقوله تعالى في سورة (إبراهيم): {وءاتكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسن لظلوم كفار (٣٤)}،
ثم قال في سورة [(النحل)]: {وأن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم) ١٨)}. قال ابن المنير: كأنه يقول: إذا حصلت النعم الكثيرة، فأنت آخذها وأنا معطيها، فحصل لك أن عند أخذها وصفان: كونك ظلوما، وكونك كفارا- يعني لعدم وفائك بشكرها- ولي عند إعطائها وصفان، وهما: "أني غفور رحيم، أقابل ظلمك بغفراني، وكفرك