على الطريق فوقع من فوق الجمل، ومضى إليها، وبكى عندها كثيرا، ففقده مالك فرجع إليه فوجده يبكي، فأنهره ولطمه على وجهه، وساقه سوقا عنيفا، فانكسر خاطر يوسف عليه السلام لذلك ودعا قائلا: اللهم إن وقع مني ذنب فألحقني بآبائي، فأصابت القافلة ظلمة وزلزلة ووقف الركب وقالوا: من منا أذنب ذنبا، فليرجع إلى الله عز وجل وليتب إليه، فعلم مالك أنما أصيبوا منه، فرجع إلى يوسف عليه السلام فقال له: أيها الغلام أنا قد لطمتك، فها وجهي فالطمني، فقال له: إني لا أقتص منك بل أعفو عنك، ولكن تعاهد الله عز وجل أن لا تلطم مملوكا، ودعا الله عز وجل فارتفعت الظلمة والزلزلة.
فانظر -رحمك الله- إلى رحمة هذا السيد الجليل وقوله لمالك: عاهد الله أن لا تلطم مملوكا، لا جرم أن الله عز وجل اصطفاه واجتباه ورفع شأنه وأعزه بعد أن سار به ووصل به إلى أرض مصر، وكانت في ذلك الوقت أجدب أرض الله وأحطمها، فلما دخل يوسف عليه السلام أنزل الله -جل شأنه- الأمطار وأرخص الأسعار ورحم البلاد والعباد ببركته عليه السلام.