كان مشقوقا من وجهه فهي الصادقة، وإن كان القميص مشقوقا من خلفه فهو الصادق وهي الكاذبة، فلما رأى الملك هذه المعجزة انتهرها وأعرض عن يوسف عليه السلام، ولم يتعرض له بأذى. وأما زليخا، فلم تزل (مغرية) مولعة بيوسف عليه السلام ولم تترك محبتها وولوعها به، وبلغ نساء الأكابر من قومها وحاشيتها وولوعها به، فأنكروا ذلك عليها فجمعتهن في بيت عظيم، وأعطت كل واحدة سكينا وأترجة ليقطعوها، ودعت يوسف عليه السلام فأقبل، فلما رأته النسوة اشتغلن بالنظر إليه وصرن يقطعن أيديهن وليس لهن شعور بذلك، وقالوا جميعهم: حاشا لله ما هذا نوع البشر، وما هذا إلا ملك عظيم، وروح فخيم، فأقامت الحجة عليهم في لومهم إياها في محبته أو اشتغالها به تعتذرها، ولما لم يوافقها على مرادها أوغرت صدر العزيز عليه، ولقيت في نفسه منه أشياء، وكان ذلك تيمن من يوسف عليه السلام كما قال عز من قائل: {قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين (٣٣) فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم (٣٤)} [يوسف: ٣٣ - ٣٤].
ولما دخل السجن ضاق ذرعا، فقال له الملك: أنت اخترت ذلك، هلا سألت الله العافية من كيدهن ومن جميع البلاء، فحبس في السجن، وحبس في تلك المدة معه غلامان من غلمان الملك، أحدهما شراب الملك، وهو الذي