فجاء إليه، فلما أبصر الأستاذ بكى، وقال: يا أستاذ جزاك الله عني خيرا، ما عرفت أني كاذب إلا البارحة، لما قمت في مصلاي، وأحضرت الحق وأنا بين يديه، وتلوت عليه، فلما استفتحت الفاتحة ووصلت إلى قوله تعالى:{إياك نعبد} [الفاتحة: ٥ [؛ فنظرت إلى نفسي فلم أرها تصدق في قولها، فاستحييت أن أقول بين يديه {إياك نعبد} وهو يعلم أني كاذب في مقالتي، فإني رأيت نفسي لاهية في خواطرها عن عبادته، فبقيت أردد الفاتحة {إياك نعبد} ولا أقدر أقولها لأنها ما خلصت لي، فبقيت أستحيي أن أكذب بين يديه فيمقتني فما ركعت حتى طلع الفجر، وقد رضت كبدي، ولا أنا إلا راحل إليه على حالة لا أرضاها من نفسي.
فما انقضت ثلاثة أيام حتى مات الشاب، فلما دفن جاء الأستاذ إلى قبره، فسأله عن حاله فسمع صوت الشاب وهو يقول:
أنا حي عند حي ... لم يحاسبني بشيء
فرجع الأستاذ بيته مريضا، فلزم فراشه مما أثر فيه من حال الشاب حتى لحق به - رحمهما الله تعالى -.
فهكذا المطلوب أن تكون القراءة، وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
ويحكى عن حمزة بن حبيب الزيات - رحمه الله تعالى - أنه دخل عليه مجاعة بن الزبير وهو يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: وكيف لا أبكي،