شوحط نابتا فِي صَخْرَة، فأعجبه، وَجعل يقومه، حَتَّى بلغ أَن يكون قوسا، فَقَطعه، وَقَالَ:
يَا رَبِّ سَدِّدْنِي لنَحْتِ قوْسِي
فإنَّها مِن لذَّتي لنَفْسي
وانْفَعُ بقَوْسِي وَلَدِي وعِرْسِي
أنحِتْ صَفراءَ كلوْن الوَرْسِ
كَبداءَ لْيستْ كالقِسيِ النُّكسِ
حَتَّى إِذا فرغ من نحتها، بَرى من بقيتها خَمْسَة أسْهم، ثمَّ قَالَ:
هَذِي ورَبِّي أسْهمٌ حِسانُ
يَلَذُّ للرَّمْيِ بِها البَنانُ
كأنَّما قَوَّمَها مِيزانُ
فأَبْشِرُوا بالخِصْبِ يَا صِبْيانُ
إِن لم يَعُقْني الشُّؤْمُ والحِرْمانُ
ثمَّ خرج لَيْلًا إِلَى قترة لَهُ، على موارد الْحمر الْوَحْش، فَرمى عيرًا مِنْهَا فأنفذه، وأورى السهْم فِي الصوانة نَارا، فَظن انه اخطأ، فَقَالَ:
أعوذُ بالمُهَيْمِن الرَّحمن
مِن نَكَد الجَدِّ مَعَ الحِرْمانِ
مَالِي رأيتُ السهْم فِي الصَّوَّانِ
يُورِي شرار النَّارِ كالعِقْيانِ
أخْلفَ ظَنِّي ورَجا الصبْيانِ
ثمَّ وَردت الْحمر ثَانِيَة، فَرمى عيرًا مِنْهَا فَكَانَ كَالَّذي مضى، فَقَالَ:
أعوذُ بالرَّحمن من شَرِّ القَدَرْ
لَا بارَكَ الرَّحمنُ فِي أُمِّ القُتَرْ
أأُمْغِطُ السَّهْمَ لإرْهاق الضَّرَر
أم ذَاك من سوء احْتيالي ونَظَرْ
أم ليسَ يُغْنِى حَذٌَ عندَ قَدَرْ