للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَد تَزيَّا الرَّجُلُ، وزَيّتَيْهُ تَزِيَّةً، وجَعَله ابنُ جِنِّى من زَوَى، وأَصْلُه عِنْدَه تَزَوْيَا، فَقْلِبَتْ الواوُ ياءً، لِتقَدُّمها بالسكونِ، وأُدْغِمَتْ. والزَّيُّ والزّايُ: حَرْفُ هِجاءُ، وهو حَرْفُ مَجْهورٌ، يكونُ أصْلاً وبَدَلاً، أَنشدَ ابنُ الأَعرابِىّ:

(يخُطُّ لامَ أَلِف مَوْصُولِ ... )

(والزَّايَ والرَّا أَيَّما تَهْلِيلِ ... )

قالَ سِيبَويِه: من العَرَبَ مَنْ يَقولُ: زَىْ، بَمنزِلَةِ كَىْ، ومِنْهم مَنْ يَقولُ: زَاىُ فيجَعلُها بَزِنَةِ واوٍ، فهي على هّذا من زَوَى، وسَيَأْتِى. قالَ ابنُ جِنِّى: مَنْ قَالَ: زَىْ، وأَجرَاها مُجْرَى كَىْ، فإنَّه لو اشْتَق منها فَعَلْتُ كَمَّلَها اسْماً، فَزَادَ على الياءِ ياءً أُخْرَى، كما أَنَّه إِذا سَمَّى رَجُلاً بكَىْ ثَقَّلَ الياءَ، فَقَالََ: هَذَا كَىٌّ فكَذلَكَ يَقُولُ أيضاً: زَىٌّ ثُمَّ يَقولُ: زَيَّيْتُ، كما تَقُولُ من حَيِّيتُ: حَيَّيْتُ. فإِنْ قُلْتَ: فإذَا كانتِ الياءُ من زَيْ في موضِعِ العَيْنِ فَهَلاَّ زَعَمْتَ أنَّ الأَلِفَ من زَايٍ ياءٌ، لِوُجودكِ العَيْنَ من زَىْ ياءً؟ فالجَوابُ أنَّ ارتْكِابَ هذا خَطَأٌ من قَبِلِ أَنَّك لو ذَهَبْتَ إلى هَذا لحَكَمَتَ بأَنَّ زَيْ مَحْذُوفَةٌ من زَايٍ، والحًذْفُ ضَربٌ من التَّصَرُّفِ، وهذه الحُروفُ جَوامِدُ لا تَصَرُّفَ في شَىءٍ منها، وأَيضاً فلو كانَتٍ الأَلِفُ من زَايٍ هي الياء في زَيْ، لَكَانَتْ مُنقَلِبَةً، والانْقِلابُ في الحرُوفِ مَفْقُودٌ غَيرُ مَوْجُودٍ.

[ومما ضوعف من فائه ولامه]

[ز ي ز] الزِّيزَاةُ: والزِّيزَاءَةُ، والزِّيزَى والزِّيزاءُ، الأَكَمَةُ الصَّغِيرةُ، وقِيلَ: الأرضُ الغَلِيظَةُ، وهي الزَّازِيةُ، قال الزَّفَيانُ السَّعْدِي:

(يا إِبِلى ما ذَامُه فَتَأْبِيَهْ ... )

(ماءٌ رِواءٌ ونَصِىٌّ حَوْلِيهَ ... )

(هذّا بأَفْواهِكِ حَتّى تَأْبِيَهْ ... )

(حتَّى تَرُوحِى أُصُلاً تُبَارٍِ يَهْ ... )

<<  <  ج: ص:  >  >>