فَأَيْنَ علم أبي عبد الله ابْن الْأَعرَابِي بأسرار هَذِه الصِّيَغ من علمي، أَو فهمه لغوامض تأولها من فهمي؟ إِلَى غير ذَلِك، مِمَّا لَو تقصَّيته لأتعبت الخاطر، وملأت القماطر، لكني آثرت طَرِيق التقليل، إِذْ أقلّ من ذَلِك كافٍ فِي التَّمْثِيل.
فَلَمَّا رأى أيده الله تِلْكَ الْكتب المصنَّفة فِي هَذِه اللُّغَة الرئيسة، الرائقة النفيسة، لم يرضها أسلاكا لِتُومِها، وَلَا أفلاكا لطوالع نجومها، فأزمع التَّأْلِيف، وَأجْمع بِذَاتِهِ فِيهَا التصنيف، ليُودعها صِوَانا يشاكل قدرهَا، وإيوانا عاديًّا يماثل خطرها، وَهَذِه عَادَة همته فِيمَا يبتنيه من علَىِّ المفاخر، ويقتنيه من سَنِيِّ المآثر، إِنَّمَا لَهُ من كل مجد عُيونه، وَمن كل فَخر عَذَارَاه لاعُونُه، وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ أَبُو الطَّيِّب: