وإنما جُمِعَ الهلالُ وإنْ كان مفرداً اعتباراً باختلافِ أزْمَانِهِ، قالوا من حيث كونُهُ هلالاً في شهرٍ غيرُ كونِهِ هلالاً في آخرَ. والهلالُ هذا الكوكبُ المعروفُ. واختَلَفَ اللغويون: إلى متى يسمى هِلالاً؟ فقال الجمهورُ: يُقال له: هلالٌ لِلَيْلَتَيْنِ، وقيل: لثلاثٍ، ثم يكونُ قمراً. وقال أبو الهيثم: «يُقال له هلالٌ لليلَتْين من أول الشهر ولَيْلَتين من آخره وما بينهما قمرٌ» . وقال الأصمعي: «يقال له هلالٌ إلى أن يُحَجِّرَ، وتحجيرُه أن يستديرَ له كالخيطِ الرقيق» ، ويُقال له بَدْرٌ من الثانيةَ عشرةَ إلى الرابعةَ عشرةَ، وقيل: «يُسَمَّى هلالاً إلى أن يَبْهَرَ ضَوءُه سوادَ الليل، وذلك إنَّما يكونُ في سبعِ ليالٍ» ، والهلالُ يكونُ اسماً لهذا الكوكبِ، ويكونُ مصدراً، يقال: هَلَّ الشهرُ هلالاً. ويقال: أُهِلَّ الهلالُ واسْتُهِلَّ مبنياً للمفعولِ وأَهْلَلْنَاه واسْتَهْلَلْنَاهُ، وقيل: يقال: أَهَلَّ واسْتَهَلَّ مبنياً للفاعلِ وأنشد: ٨٦٥ - وشهرٌ مُسْتَهِلٌّ بعدَ شهرٍ. . . وحَوْلٌ بعدَهُ حولٌ جَدِيدُ وسُمِّي هذا الكوكبُ هلالاً لارتفاعِ الأصواتِ عند رؤيتِه، وقيل: لأنه من البيان والظهورِ، أي: لظهورهِ وقتَ رؤيَتِهِ بعد خَفَائِهِ، ولذلك يُقال: تَهَلَّلَ وَجْهُهُ: ظَهَرَ فيه بِشْرٌ وسرورٌ وإنْ لم يَكُنْ رفَعَ صوتَه. . . ومنه قول تأبَّط شرّاً. ٨٦٦ وإذا نَظَرْتَ إلى أَسِرَّةِ وَجْهِه. . . بَرَقَتْ كبَرْقِ العارضِ المُتَهَلِّلِ وقد تقدَّم أن الإِهلال الصراخُ عند قولِه: {وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ} [البقرة: ١٧٣] وفِعال المضعَّفُ يَطَّردُ في تكسيرِه أَفْعِلة كأَهِلَّة، وشَذَّ فيه فِعَل كقولهم: عِنَن وحِجَج في: عِنَان وحِجاج. وقَدَّر بعضُهم مضافاً قبلَ «الأهِلَّة» أي: عَنْ حكمِ اختلافِ الأهِلَّة لأن السؤال عن ذاتِها غيرُ مفيدٍ، ولذلك أُجيبوا بقولِه: «قل هي مواقيتُ» وقيل: إنهم لَمَّا سألوا عن شيء قليلِ الجَدْوى أُجيبوا بما فيه فائدةٌ، وعَدَلَ عن سؤالِهم إذ لا فائدة فيه، وعلى هذا فلا يُحْتاجُ إلى تقديرِ مضافٍ. اهـ (الدر المصون) .