للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - يتسحر وأنا أرى مواقع النبل.

وهذا خلاف الإجماع.

قوله: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا)

سؤال: لِمَ قال في هذه الآية (فَلَا تَقْرَبُوهَا) ، وقال في هذه السورة أيضاً (فَلَا تَعْتَدُوهَا) ؟

الجواب: حَدٌّ هو أمر، وحَدٌّ هو نهي فما كان أمراً لا تجوز مجاوزته وهو الاعتداء، وما كان نهيا لا تجوز مقاربته، وما في الآية الأولى نهي وهو

(وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) ، وما في الثانية بيان عدد الطلاق، فإن العرب كانت تطلق وتراجع من غير تمييز عدد.

قوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) .

هي جمع هلال، وجاز جمعه لتجدده كل شهر، والهلال ليلتان.

وقيل: ثلاث ليال، وقيل: حتى يحجر، وتحجيره أن يستدير بخطة دقيقة.

تقول: أُهِل الهلال واستهِلّ بلفظ المجهول وأهلَلْنا شهر كذا، أي دخلنا

فيه. واسم القمر: الزِبرِقان، واسم دارته الهالة، واسم ضوءِهِ الفَخْت.

واسم ظله: السَمَر (١) .

وحكى الزجاج في "معاني القرآن" قال أبو زيد يقال

للقمر ابن ليلة هتمة سحيلة حل أهلها برميلة، وابن ليتين حديث أمتين

بكَذِب وَمَين، ورواه ابن الأعرابي بكِذْب وميَن، وابن ثلاث "حديث قينات

غير جد مؤتلفات"، وقيل، ابن ثلاث قليلُ اللباث، وابن أربع عتمة


(١) قال السمين:
وإنما جُمِعَ الهلالُ وإنْ كان مفرداً اعتباراً باختلافِ أزْمَانِهِ، قالوا من حيث كونُهُ هلالاً في شهرٍ غيرُ كونِهِ هلالاً في آخرَ. والهلالُ هذا الكوكبُ المعروفُ. واختَلَفَ اللغويون: إلى متى يسمى هِلالاً؟ فقال الجمهورُ: يُقال له: هلالٌ لِلَيْلَتَيْنِ، وقيل: لثلاثٍ، ثم يكونُ قمراً. وقال أبو الهيثم: «يُقال له هلالٌ لليلَتْين من أول الشهر ولَيْلَتين من آخره وما بينهما قمرٌ» . وقال الأصمعي: «يقال له هلالٌ إلى أن يُحَجِّرَ، وتحجيرُه أن يستديرَ له كالخيطِ الرقيق» ، ويُقال له بَدْرٌ من الثانيةَ عشرةَ إلى الرابعةَ عشرةَ، وقيل: «يُسَمَّى هلالاً إلى أن يَبْهَرَ ضَوءُه سوادَ الليل، وذلك إنَّما يكونُ في سبعِ ليالٍ» ، والهلالُ يكونُ اسماً لهذا الكوكبِ، ويكونُ مصدراً، يقال: هَلَّ الشهرُ هلالاً.
ويقال: أُهِلَّ الهلالُ واسْتُهِلَّ مبنياً للمفعولِ وأَهْلَلْنَاه واسْتَهْلَلْنَاهُ، وقيل: يقال: أَهَلَّ واسْتَهَلَّ مبنياً للفاعلِ وأنشد:
٨٦٥ - وشهرٌ مُسْتَهِلٌّ بعدَ شهرٍ. . . وحَوْلٌ بعدَهُ حولٌ جَدِيدُ
وسُمِّي هذا الكوكبُ هلالاً لارتفاعِ الأصواتِ عند رؤيتِه، وقيل: لأنه من البيان والظهورِ، أي: لظهورهِ وقتَ رؤيَتِهِ بعد خَفَائِهِ، ولذلك يُقال: تَهَلَّلَ وَجْهُهُ: ظَهَرَ فيه بِشْرٌ وسرورٌ وإنْ لم يَكُنْ رفَعَ صوتَه. . . ومنه قول تأبَّط شرّاً.
٨٦٦ وإذا نَظَرْتَ إلى أَسِرَّةِ وَجْهِه. . . بَرَقَتْ كبَرْقِ العارضِ المُتَهَلِّلِ
وقد تقدَّم أن الإِهلال الصراخُ عند قولِه: {وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ} [البقرة: ١٧٣] وفِعال المضعَّفُ يَطَّردُ في تكسيرِه أَفْعِلة كأَهِلَّة، وشَذَّ فيه فِعَل كقولهم: عِنَن وحِجَج في: عِنَان وحِجاج.
وقَدَّر بعضُهم مضافاً قبلَ «الأهِلَّة» أي: عَنْ حكمِ اختلافِ الأهِلَّة لأن السؤال عن ذاتِها غيرُ مفيدٍ، ولذلك أُجيبوا بقولِه: «قل هي مواقيتُ» وقيل: إنهم لَمَّا سألوا عن شيء قليلِ الجَدْوى أُجيبوا بما فيه فائدةٌ، وعَدَلَ عن سؤالِهم إذ لا فائدة فيه، وعلى هذا فلا يُحْتاجُ إلى تقديرِ مضافٍ.
اهـ (الدر المصون) .

<<  <  ج: ص:  >  >>