ولا النهر تفارقين. فبلغ هذا الكلام أبا بكر - رضي الله عنه - فقال: إن هذا الكلام لم يخرج من إلٍّ (١) .
وحكى أبو القاسم بن حبيب في تفسيره: أن مسيلمة لما بلغته سورة
(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) ، زعم أن عيزائيل أتاه بمثلها:
إنا أعطيناك الجواهر، فصل لربك وهاجر، إن مبغضك رجل كافر.
قال: "وعيزائيل هذا لم يخلقه الله بعد، قال: وزعموا: أن طليحة بن خويلد لما بلغته سورة الفيل: قال لقومه: لقد أنزل عليَّ مثلها، ثم قرأ: الفيل وما الفيل، وما أدراك ما الفيل، له ذنب وثيل، ومشفر طويل، وإن ذلك من خلق ربنا لقليل.
ولما نزل، (والعاديات ضبحاً) .
قال العنسي لقومه: لقد أنزل عليَّ مثلها والزارعات زرعا والحارثات حرثاً والحاصدات حصداً، فالكادسات كدسا والطابخات طبخاً والعاجنات عجناً فالخابزات خبزا، والثاردات ثردا فالآكلات اكلاً، حتى قال بعض المجان هلا أتمها فقال: والخاريات خرياً.
قال: ولقد عارض قوم القرآن بضرب آخر من المعارضة، فصلى بعضهم بقوم فقال: أفلح من هينم في صلاته وأخرج الواجب من زكاته وأطعم المسكين من مخلاته وذب عن بعيره بشاته واجتنب الفحش وداعياته أدخله الله غدا جناته.
قال الشيخ: فاسمع هذه الترهات البسابس التي لا أصل لها ولا فرع، ومن
كان له أدنى مسكة وفهم علم، أن هذه وأضرابها احتذاء على مثال وبناء على أساس لا يشبه هذا الكلام كلام الله جل ذكره بوجه من الوجوه.
كيف؟؟!!! (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨) .
قوله: (وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) .
ذهب جماعة من المفسرين إلى: أنها نزلت في عبد الله بن أبي سرح
(١) الإل: الأصل الجيد، أي لم يجيء من الأصل الذي جاء منه في القرآن.