الأمر الثَّالث:(وَإِنْ حَالَ دُونَ مَطْلَعِهِ) أي: مطلع الهلال ليلة الثَّلاثين من شعبانَ (غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ) أي: غبرةٌ، (أَوْ غَيْرُهُمَا) أي: غير الغيم والقتر، كالدُّخان ونحوه، (وَجَبَ صِيَامُهُ) أي: صوم اليوم الَّذي بعده، (حُكْمًا ظَنِّيًّا احْتِيَاطًا)، لا يقينًا (بِنِيَّةِ رَمَضَانَ)؛ لحديث ابن عمرَ رضي الله عنهما مرفوعًا:«إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»[البخاري ١٩٠٠، ومسلم ١٠٨٠]، ومعنى:«فَاقْدُرُوا» أي: ضيِّقوا؛ لقوله تعالى:(ومن قُدِرَ عليه رزقه)[الطلاق: ٧] أي: ضُيِّق، وهو أن يجعل شعبانَ تسعةً وعشرين يومًا.
وعنه، واختاره شيخ الإسلام: لا يجب صوم ذلك اليوم قبل رؤية هلاله أو إكمال شعبانَ ثلاثين (١)؛ لحديث أبي هريرةَ رضي الله عنه مرفوعًا:«فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ»[البخاري ١٩٠٩]، وأمَّا حديث ابن عمرَ رضي الله عنه:«فَاقْدُرُوا لَهُ»، فالمراد به: التَّقدير، أي: قدِّروا شعبانَ ثلاثين، لرواية البخاريِّ [١٩٧٠]: «فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ».
- فرعٌ:(وَيُجْزِئُ) صوم هذا اليوم (إِنْ ظَهَرَ) أنَّه (مِنْهُ) أي: من
(١) واختلف النَّقل عن شيخ الإسلام بعد قوله بعدم وجوب الصَّوم، قال في الإنصاف (٣/ ٢٧٠): (فعلى هذه الرِّواية: يُبَاح صومه، قال في الفائق: اختاره الشَّيخ تقيُّ الدِّين، وقيل: بل يُسْتَحَبُّ، قال الزَّركشيُّ: اختاره أبو العبَّاس. انتهى، قال في الاختيارات: وحُكِيَ عن أبي العبَّاس أنَّه كان يميل أخيرًا إلى أنَّه لا يُسْتَحَبُّ صومُه. انتهى).