للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعنه: أنَّ ما أدركه المسبوق أوَّل صلاته، وما يقضيه آخرها؛ لحديث أبي هريرةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «مَا أَدْرَكْتُمْ، فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» [البخاري: ٦٣٦، ومسلم: ٦٠٢]، وإتمام الشَّيء لا يكون إَّلا بعد انقضاء أوَّله، وأمَّا القضاء الوارد في الأحاديث السَّابقة فالمراد به الإتمام كقوله تعالى: {فإذا قضيتم الصَّلاة فاذكروا الله} [فصلت: ١٢]، ولإجماعهم أنَّ تكبيرة الافتتاح لا تكون إلَّا في الرَّكعة الأُولى.

- مسألةٌ: (وَيَتَحَمَّلُ) إمامٌ (عَنْ مَأْمُومٍ) أشياءَ، بحيث تسقط عن المأموم لإتيان الإمام بها، منها:

١ - (قِرَاءَةُ) الفاتحة، فلا تجب قراءة الفاتحة على المأموم في سرِّيَّةٍ ولا جهريَّةٍ؛ لقوله تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} [الأعراف: ٢٠٤] قال أحمدُ: أجمع النَّاس على أنَّ هذه الآية في الصَّلاة، ولحديث جابرٍ رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ، فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَةٌ» [أحمد: ١٤٦٤٣، وابن ماجهْ: ٨٥٠]، وصحَّ عن ابن عمرَ رضي الله عنهما أنَّه قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ خَلْفَ الإِمَامَ فَحَسْبُهُ قِرَاءَةُ الإِمَامِ، وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيَقْرَأْ». [الموطأ: ٢٨٣]، وهو اختيار شيخ الإسلام (١).

وعنه، واختاره ابن عثيمينَ: تجب على المأموم في السِّرِّيَّة والجهريَّة؛


(١) نسب الشَّيخ ابن عثيمينَ إلى شيخ الإسلام ابن تيميَّةَ القول بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصَّلاة السِّرِّيَّة دون الجهرية [الشرح الممتع ٤/ ١٧٥].

وظاهر كلام شيخ الإسلام أنَّ قراءة الفاتحة في السِّرِّيَّة مُسْتَحَبٌّ، فقد قال رحمه الله: (أعدل الأقوال في القراءة خلف الإمام: أنَّ المأموم إذا سمع قراءة الإمام يستمع لها وينصت لا يقرأ بالفاتحة ولا غيرها، وإذا لم يسمع قراءته بها يقرأ الفاتحة وما زاد، وهذا قول جمهور السَّلف والخلف، وهو مذهب مالكٍ وأصحابه، وأحمدَ بن حنبل وجمهورِ أصحابه، وهو أحد قولي الشَّافعي، واختاره طائفةٌ من محقِّقي أصحابه، وهو قول محمَّد بن الحسن وغيره من أصحاب أبي حنيفةَ) [مجموع الفتاوى ١٨/ ٢٠]، وقال في موطنٍ آخر: (والجمهور على أنَّها لا تجب ولا تُكْرَهُ مطلقًا، بل تُسْتَحَبُّ القراءة في صلاة السِّرِّ، وفي سكتات الإمام، بالفاتحة وغيرها، كما هو مذهب مالكٍ وأحمدَ وغيرِهما) [مجموع الفتاوى ٢٣/ ٣٠٩]، وقال: (والَّذي عليه جمهور العلماء هو الفرق بين حال الجهر وحال المخافتة؛ فيقرأ في حال السِّرِّ، ولا يقرأ في حال الجهر، وهذا أعدل الأقوال) [مجموع الفتاوى ٢٣/ ٣٣٠]، وذكر أدلَّة عدم وجوب قراءة الفاتحة على المأموم حتى في السِّرِّيَّة في مجموع الفتاوى ٢٣/ ٣١٩.

<<  <   >  >>