- مسألةٌ:(وَيَبِيتُ بِهَا) أي: في مزدلفةَ وجوبًا؛ لحديث جابرٍ السَّابق، وفيه:«ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ»، وقال في حديث جابرٍ الآخر:«لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»، ولحديث عروةَ بن مضرِّسٍ، وفيه:«مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ».
- فرعٌ: يبيت الحاجُّ في مزدلفةَ إلى الفجر، فإن دفع قبل ذلك فلا يخلو من أربعة أحوالٍ:
١ - أن يدفع منها بعد نصف اللَّيل: فيجوز ولا شيءَ عليه، سواءً كان معذورًا أو غير معذورٍ؛ لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما:«بَعَثَنِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ»[البخاري: ١٦٧٧، ومسلم: ١٢٩٣].
واختار ابن القيِّم: يجوز للضَّعفة الدَّفع بعد غيبوبة القمر، وأمَّا القادر فلا يجوز له الدَّفع إلَّا بعد طلوع الشَّمس؛ لما ورد عن أسماءَ رضي الله عنها: أنَّها نزلت ليلة جمعٍ عند المزدلفة، فقامت تصلِّي، فصلَّت ساعةً، ثمَّ قالت:«يَا بُنَيَّ؛ هَلْ غَابَ القَمَرُ؟ »، قلت: لا، فصلَّت ساعةً، ثمَّ قالت:«يَا بُنَيَّ؛ هَلْ غَابَ القَمَرُ؟ »، قلت: نعم، قالت:«فَارْتَحِلُوا»، فارتحلنا ومضينا، حتَّى رمت الجمرة، ثمَّ رجعت فصلَّت الصَّبح في منزلها، فقلت لها: يا هنتاه؛ ما أرانا إلَّا قد غَلَّسْنا، قالت:«يَا بُنَيَّ؛ إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِلظُّعُنِ»[البخاري: ١٦٧٩، ومسلم: ١٢٩١].