للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) النَّاقض الثَّاني: خارج من بقيَّة البدن من غير السَّبيلين، ولا يخلو من أمرين:

الأمر الأوَّل: أن يكون (خُرُوجُ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ مِنْ بَاقِي البَدَنِ)، فينقض (قَلَّ أَوْ كَثُرَ)، من تحت المعدة أو فوقها؛ لعموم قوله تعالى: (أو جاء أحدٌ منكم من الغائط) [النساء: ٤٣]، فجعل الاعتبار بالغائط، أي: بالخارج لا بالمخرج.

(وَ) الأمر الثَّاني: وأشار إليه: (أَوْ غَيْرِهِمَا) أي: غير البول والغائط، (كَقَيْءٍ أَوْ دَمٍ)، فينقض إن كان نجسًا، (إِنْ فَحُشَ)؛ لحديث أبي الدَّرداء رضي الله عنه: «اسْتَقَاءَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفْطَرَ، فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ» [أحمد ٢٧٥٣٧، والترمذي ٨٧]، ولقول ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما في الدَّم: (إذا كان فاحشًا فعليه الإعادة) [الأوسط لابن المنذر ٦٤]، وأمَّا اليسير فلا ينقض، قال أحمدُ: (عدَّةٌ من الصَّحابة تكلَّموا فيه، وابن عمرَ عَصَرَ بثرةً فخرج الدَّم فصلَّى ولم يتوضَّأ [الأوسط لابن المنذر ٦٥]، وابن أبي أوفى عَصَرَ دملًا)، قال ابن قدامةَ: (ولم يُعْرَف لهم مخالفٌ من الصَّحابة فكان إجماعًا).

واختار شيخ الإسلام: لا ينقض الوضوء بل يُسْتَحَبُّ؛ لحديث جابرٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَرُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ، فَرَكَعَ وَسَجَدَ وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ»، ولعدم الدَّليل على النَّقض، والأصل بقاء الطَّهارة، وتُحْمَل آثار الصَّحابة على الاستحباب.

<<  <   >  >>