- مسألةٌ:(وَلَا) يَتَطَوُّع بالجهاد (مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ حُرٌّ) لا عبدٌ؛ لعدم ولايته، أشبه المجنون، (مُسْلِمٌ) لا كافرٌ، فلا يُشْتَرَطُ إذنُه حينئذٍ؛ لأنَّ الكافر لا يسعى في مصلحة المسلمين، وكثيرٌ من الصَّحابة جاهد وأحدُ أبويه كافرٌ ولم يَرِدْ عنهم استئذانهم، (إِلَّا بِإِذْنِهِ) أي: الوالد الحرُّ المسلم العاقل؛ لحديث عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فاستأذنه في الجهاد، فقال:«أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ »، قال: نعم، قال:«فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ»[البخاري: ٣٠٠٤، ومسلم: ٢٥٤٩]، ولأنَّ بِرَّهما فرض عينٍ، والجهاد فرض كفايةٍ، والأوَّل مقدَّم.
وفي وجهٍ: لا يُشْتَرَطُ كون أحد الأبوين حرًّا، بل يجب استئذانه ولو كان رقيقًا؛ للقاعدة:(الأصل تساوي الأحرار والأرقَّاء في العبادات البدنيَّة المحضة).
- مسألةٌ:(وَلَا يَحِلُّ لِلمُسْلِمِينَ الفِرَارُ مِنْ مِثْلَيْهِمْ؛ وَلَوْ) كان الفارُّ (وَاحِدًا مِنِ اثْنَيْنِ) كافرين إلَّا في ثلاثة أحوالٍ:
١ - أن يكون متحرِّفًا لقتالٍ، بأن ينحاز إلى موضعٍ يكون القتال فيه أمكنَ؛ لقوله تعالى:(إلَّا متحرِّفًا لقتالٍ أو متحيِّزًا إلى فئةٍ)[الأنفال: ١٦].
٢ - أن يكون متحيِّزًا إلى فئةٍ ناصرةٍ تقاتل معهم، ولو بَعُدَتْ؛ للآية السابقة.