للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للعذر، وأمَّا الفدية: فلا تخلو من أمرين:

١ - ما كان من قبيل الإتلاف: وهي خمسة محظوراتٍ: الوطء، والمباشرة، والصَّيد، والتَّقليم، والحلق، فتجب فيها الفدية، ولا تسقط بالعذر؛ لأنَّه إتلافٌ، فاستوى عمدُها وسهوُها وجهلُها؛ كإتلاف مال الآدميِّ.

٢ - ما لم يكن من قبيل الإتلاف، وهي ثلاث محظوراتٍ، وأشار إليه بقوله: (وَتَسْقُطُ) أي: الفدية (بِنِسْيَانٍ فِي: لُبْسِ) مخيطٍ، (وَطِيبٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ)؛ لحديث يَعْلَى بن أُمَيَّةَ رضي الله عنه لمَّا أحرم بعمرةٍ في جُبَّةٍ بعدما تضمخَّ بالطِّيب، قال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اخْلَعْ عَنْكَ الجُبَّةَ، وَاغْسِلْ أَثَرَ الخَلُوقِ عَنْكَ، وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ» [البخاري: ١٧٨٩، ومسلم: ١١٨٠]، ولم يأمره بالفدية، ولأنَّها محظوراتٌ يمكن تداركها، بخلاف السَّابقة فلا يمكن تداركها.

وعنه، واختاره ابن عثيمينَ: لا فديةَ على الجاهل والنَّاسي والمُكْرَه مطلقًا؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}، والصَّيد إتلافٌ، وقد قيَّد جزاء الصَّيد بالمتعمِّد، فدلَّ أنَّ المخطئ لا جزاءَ عليه، والقاعدة: (أنَّ باب النَّواهي يُعْذَرُ فيه بالجهل والإكراه والنِّسيان).

واختار شيخ الإسلام: لا فديةَ على الجاهل والنَّاسي والمُكْرَه مطلقًا؛ لحديث ابن عبَّاسٍ السَّابق، إلَّا جزاء الصَّيد؛ لأنَّه بمنزلة دية المقتول خطأً،

<<  <   >  >>