للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى»، قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى العَطَاءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ.

(خضرة حلوة): أنث الخبر، لأن المراد الدنيا، شبهها في الرغبة فيها والميل إليها وحرص النفوس عليها بالفاكهة الخضرة المستلذة، فإن كلًا من الأخضر والحلو مرغوب فيه على انفراده بالنسبة إلى اليابس والحامض، والإعجاب بهما إذا اجتمعا أشد.

(بسخاوة نفس) أي: بغير شره ولا إلحاح.

(كالذي يأكل ولا يشبع) أي: الذي يسمى جوعه كذابًا لأنه من علة به، فكلما أكل ازداد سقمًا ولم يحدث شبعًا.

(لا ارزأ): بفتح الهمزة والراء بينهما راء ساكنة، آخره همزة، أي: لا أنقص ماله بالطلب منه.

وإنما امتنع من أخذ العطاء مع أنه حقه فطمًا لنفسه عن الأخذ مطلقًا، وإنما أشهد على عمله خشية أن لا يظن به أنه منعه حقه.

(حتى توفى) في "مسند ابن راهويه": "أنه ما أخذ من أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا معاوية ديوانًا ولا غيره حتى مات لعشر سنين من إمارة معاوية، وإنه لمن أكثر قريش مالًا"، وفيه: أن سبب سؤاله العطاء: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه دون ما أعطى أصحابه، فقال: يا رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>