الحجر في البيت وكان زربًا لغنم إسماعيل، ولم يجعل له سقفا وجعل له بابا، وحفر له بئرًا عند بابه يلقى فيها ما يهدى للبيت.
ثم بنتها قريش لما احترقت من شرارة طارت حين جمرتها امرأة، وكان ذلك قبل المبعث النبوي بخمس سنين، وقيل بخمس عشرة سنة، وكان طولها قبل ذلك سبعة وعشرين ذراعا، فجعلوا ارتفاعها ثمانية عشر ذراعا وقيل: عشرين، ونقصوا من طولها ومن عرضها أذرعا أدخلوها في الحجر لضيق النفقة بهم، ثم لما حوصر ابن الزبير من جهة يزيد تضعضعت من الرمي بالمنجنيق فهدمها في خلافته وبناها على قواعد إبراهيم فأعاد طولها على ما هو عليه الآن، وأدخل من الحجر الأذرع المذكورة وجعل لها بابا آخر، فلما قتل ابن الزبير شاور الحجاج عبد الملك في نقض ما فعله ابن الزبير فكتب إليه: أما ما زاد في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه، وسد بابه الذي فتحه"، ففعل ذلك واستمر بناء الحجاج إلى الآن، وقد أراد الرشيد وأبوه أو جده أن يعيده على ما فعله ابن الزبير، فناشده مالك في ذلك وقال: "أخشى أن يصير ملعبة للملوك"، فتركه ولم يتفق لأحد من الخلفاء ولا غيرهم تغيير شيء مما صنعه الحجاج إلى الآن إلا في الميزاب والباب وعتبته، وكذا وقع الترميم في الجدار الذي بناه الحجاج غير مرة وفي السقف وفي سلم السطح وجدد فيها الرخام.
قال ابن جريج: "أول من فرشها بالرخام الوليد بن عبد الملك" (٢).