قيل: ووجه إيراد هذا الحديث هنا: الدلالة على أنه قد يستحق بعمل البعض أجر الكل، مثل الذي أعطى من العصر إلى الليل أجر النهار كله، فهو نظير الذي يعطى أجر الصلاة كلها، ولو لم يدرك إلا ركعة، زاد الحافظ:"ونسبة الركعة إلى الرباعية الربع كما نسبة ما بين العصر والليل إلى النهار الربع".
(أكثر عملًا)، ظهر بهذا أن الراد: تشبيه من تقدم بأول النهار إلى الظهر وإلى العصر في كثرة الأعمال والتكليفات الشاقة كالإصر والمؤاخذة بالخطأ والنسيان وغير ذلك، وتشبيه هذه الأمة بما بين العصر والليل في قلة ذلك وتخفيفه، وليس المراد طول الزمان وقصره، إذ مدة هذه الأمة أطول من مدة أهل الإنجيل بالاتفاق، إذ أكثر ما قيل في تلك ستمائة سنة.
قلت: وأيضًا فلا عبرة بطول مدة الملة في حق كل فرد فرد، إذ كل أحد يعطي على عمله عمره، سواء طالت مدة أهل ملته أو قصرت أو نفرت، والأمم سواء في ذلك، إذ لا مشقة تلحق الأفراد بطول مدة الملة، وقد ماتوا قبل انقراضها بدهر.
وعرف بهذا أن المثل الذي في حديث أبي موسى: قضية أخرى غير الذي في حديث ابن عمر، وأنه في من ترك العمل بلا عذر لقولهم:"لا حاجة لنا إلى أجرك"، فلا يحصل لهم شيء أصلًا لا قيراط ولا غيره بخلاف أولئك الذين عجزوا.
واستدل بعضهم بهذا الحديث على أن بقاء هذه الأمة يزيد على ألف سنة لأنه يقتضي أن مدة اليهود نظير مدتي النصارى والمسلمين، وقد اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت أكثر من ألفي سنة، ومدة النصارى من ذلك ستمائة أو أقل، فتكون مدة المسلمين أكثر من ألف قطعًا. انتهى". وهذا بناء على غير ما اخترناه.