{وَلاَ تَلْوُونَ على أحَدٍ} أي: لا ترجعون ولا يلتفت بعضكم إلى بعض هرباً من عدوكم {فأثابكم غَمّاًً بِغَمٍّ} أي: جزاكم بفراركم عن نبيكم صلى الله عليه وسلم، وفشلكم عن عدوكم، ومخالفتكم غماً على غم، الباء في موضع على. ومعنى:{فأثابكم} جعل ما يقوم مقام الثواب لكم غماً بعد غم مثل: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[آل عمران: ٢١، التوبة: ٣٤، والانشقاق: ٢٤]. فالغم الأول: ما لحقهم على نبيهم صلى الله عليه وسلم حين سمعوا أنه قتل. والثاني: ما لحقهم من الجراح، وقتل أصحابهم لأنه قتل يومئذ ستة وستون من الأنصار وأربعة من المهاجرين.
قوله:{لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ على مَا فَاتَكُمْ} أي: من الغنيمة {وَلاَ مَآ أصابكم} من ألم الجراح والقتل. وقيل: الغم الأول: ما صاحبهم على قتل أصحابهم، وجراحهم. والثاني: ما أصابهم حين سمعوا أن محمداً صلى الله عليه وسلم قتل. وقيل: الغم الأول: أسفهم على ما فات من الغنيمة. والثاني: اطلاع أبي سفيان عليهم في الجبل، فخافوا حين أتاهم، فرموه، فرجع عنهم وقد كانوا فزعوا منه أن يميل عليهم فيقتلهم فهو الغم الثاني.
وكان من قتل يومئذ ستة وستون من الأنصار وأربعة من المهاجرين.