للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى ذكره: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ القول أَمْ جَآءَهُمْ} إلى قوله: {إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}.

معنى هذا القول التوقيف والتقبيح كقول العرب: الخير أحب إليك أم الشر. أي: إنك قد اخترت الشر. ومعناه: أفلم يدبر هؤلاء المشركون كلام الله فيعلموا ما فيه من العبر والحجج {أَمْ جَآءَهُمْ مَّا لَمْ يَأْتِ آبَآءَهُمُ الأولين} يعني أسلافهم من الأمم المكذبة قبلهم، بل جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بمثل ما أتت به الرسل قبله لآبائهم، فواجب عليهم ألا ينكروا ما جاءهم به محمد عليه السلام، لأنه أتى بمثل جاء به غيره من الرسل لآبائهم. وقيل: " أم " هنا بمعنى " بل "، والتقدير: بل جاءهم ما لم يأت أسلافهم فتركوا تكدبره إذ لم يكن عند من سلف لهم مثله ولا أرسل إليهم مثله.

ثم قال: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ}.

أي: أم لم يعرفوا صدق محمد وأمانته " فهم له منكرون " أي: فينكروا قوله إذ لم يعرفوه بالصدق فكيف يكذبونه وهم يعرفونه بالصدق والأمانة. ثم قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ}.

أي: أيقولون بمحمد مجنون فهو يتكلم بما لا معنى له ولا يفهم.

{بَلْ جَآءَهُمْ بالحق}.

أي: جاءهم بحق لا تخفى صحته والمجنون لا يتكلم بكلام فيه حكمة ولا يصح له معنى، فكيف يكون مجنوناً من يأتي بالحق والحكمة، وإنما نسبوه إلى الجنون لأن الذي جاءهم به بَعُدَ عندهم قبولهم له كما يقال لمن سأل ما لا يتمكن فعله

<<  <  ج: ص:  >  >>