قال الكوفيون: دخلت {مِّن} في قوله {مِّن ذَكَرٍ} على التفسير لقوله {مِّنْكُمْ} أي: منكم من الذكور والإناث، قال: وليست من هناهنا يجوز حذفها لأنها دخلت لمعنى لا يصلح الكلام إلا بها وإنما يجوز حذفها إذا كانت تأكيداً للجحد. وقال بعض البصريين: دخلت {مِّن} هناهنا كما دخلت في قولك: قد كان من حديث فلان كذا، قال: وحرف النفي قد تقدم في قوله {أَنِّي لاَ أُضِيعُ} قد دخلت للتأكيد، والأحسن أن تكون من للتفسير كما تقدم.
ومعنى:{بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} أن بعضكم في النصر والمذلة والجزاء من بعض أي حكم الجميع الذكر والأنثى سواء {لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي لأمحونها عنهم ولأسترنها عليه {ثَوَاباً} مصدر لأنه كما قال {وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جنات تَجْرِي} كان بمعنى لأثيبنهم ثواباً.
قوله:{لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الذين كَفَرُواْ} الآية. المعنى: لا يغرنك يا محمد تصرف الذين كفروا في البلاد أي: بالتجارات، والأموال بغير عذاب فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد به أمته {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} أي: كسبهم وربحهم متاع قليل أي متعة يتمتعون بها