للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى ذكره: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض} إلى قوله: {والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

هذا تقرير وتوبيخ للكفار من قريش وغيرهم. ومعناه: أفلم يسر هؤلاء المكذبون بك يا محمد، فينظروا إلى مصارع أشباههم من الأمم المكذبة للرسل قبلهم، فيخافوا أن يحل عليهم مثل ذلك بتكذيبهم لك، فيرجعوا عن التكذيب إلى الإقرار والتصديق لك، ويفهموا ذلك بقلوبهم، ويسمعوه بآذانهم.

وقوله: " فَتَكُونَ " جواب النفي. وقيل: هو جواب الاستفهام والمعنى: قد ساروا في الأرض فلم تكن لهم قلوب يعقلون بها مصارع من كان قبلهم من الأمم الماضية، يخاطب قريشاً، لأنهم كانوا يسافرون إلى الشام فيرون آثار الأمم الهالكة، فهو في المعنى: خبر فيه تنبيه وتقرير إخبار عن أمر قد كان. كما قال: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: ١]. أي: قد شرحنا لك صدرك.

ونصب " فَتَكُون " عند الكوفيين على الصرف، أذ معنى الكلام الخبر، فأكنهم صرفوه عن الجزم على العطف على يسيروا، فلما صرف عن الجزم، رد إلى آخر الجزم وهو النصب، فهذا معنى الصرف عندهم.

ثم قال تعالى: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار}.

أي: فإن القصة لا تعمى أبصارهم أن يبصروا بها الأشخاص، ولكن تعمى قلوبهم التي في صدورهم عن إبصار الحق ومعرفته.

<<  <  ج: ص:  >  >>