{لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً}[الزخرف: ٣٢]، ثم قال:{حتى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي}.
أي: لم تزالوا تستهزءون بهم حتى أنساكم ذلك من فعلكم بهم ذكري فألهاكم عنه.
قال ابن زيد: أنساهم الاستهزاء بهم والضحك ذكر الله، وقرأ:
{إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ يَضْحَكُونَ}. . إلى قوله. . {لَضَالُّونَ}[المطففين: ٢٩ - ٣٢]. ومثله في إضافة الفعل إلى غير فاعله قوله {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ الناس}[إبراهيم: ٣٦] أي: ضل بهن كثير من الناس لم يكن له صنام فعل يضل به الناس. الناس هم الضالون لعبادتهم الأصنام، فكذلك أنسوكم ذكري، لم ينسيهم المؤمنون ذكر الله بل نسوا ذلك، أي تركوه.
قوله تعالى ذكره:{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ اليوم بِمَا صبروا}. إلى آخر السورة
أي: إني جزيت الذين اتخذهم الكفار سخرياً يصبرهم على دينهم وعلى ما كانوا يلقون في الدنيا من أذى الكفار، الفوز وهو النجاة من النار، والخلود في الجنة.
ثم قال:{كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرض عَدَدَ سِنِينَ} أي: قال الله لهؤلاء الأشقياء الذين كانوا يظنون أنهم لا يبعثون، وأن الدنيا باقية: كم لبثتم في الأرض من الزمان بعد موتكم، فأجابوا وقالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم، فنسوا عظيم ما كانوا فيه من البلاء وطول مكثهم في القبور في العذاب لما حل عليهم من نقم الله في الآخرة حتى ظنوا أنهم لم يلبثوا في البرزخ إلاّ يوماً أو بعض يوم.