أي: نجعلها منابت للشعر كوجوه القردة. واختار الطبري قول ابن عباس أن المعنى من قبل أن نعمي أبصارها، فنردها في موضع القفى، وتصير الوجوه في موضع القفى فيمشي القهقري، ولا معنى لقول من قال: معناه أن نعمي قوماً فنردهم عن الحق إلى الضلالة لأن المخاطبين بهذا هم اليهود، وهم ضالون كافرون، فلا معنى لتوعدهم أن يجعلوا ضالين كافرين وهم كذلك. وقد قيل: معناه من قبل أن نطمس وجوههم التي هم فيها يريد مواضعهم وترددهم إلى الشام وهو بعيد، والطمس في اللغة العفو والدثور.
وقال مالك: كان أول إسلام كعب أنه مر برجل من الليل وهو يقرأ {يَا أَيُّهَآ الذين أُوتُواْ الكتاب آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً} الآية فوضع كعب يده على وجهه ورجع القهقري إلى بيته، فأسلم مكانه وقال: والله لقد خفت ألا أبلغ بيتي حتى يطمس وجهي.
قوله:{أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أصحاب السبت} معناه أن نخزيهم، فنجعلهم قردة كما أخزينا أصحاب السبت الذين اعتدوا فيه.
قاله قتادة والحسن والسدي وابن زيد، وهذا من الرجوع إلى الغيبة بعد المخاطبة مثل {حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ}[يونس: ٢٢].