كان محمد في كثرة ذهبنا إليه، وإن كان في قلة بقينا في قومنا.
فلما التقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، في بدر نظروه في قلة فبقوا في قومهم فقتلوا، فتوفتهم الملائكة ظالمي أنفسهم، فاعتذروا بأنهم استضعفوا بمكة، ثم استثنى فقال:{إِلاَّ المستضعفين مِنَ الرجال والنسآء والولدان} وهو من عجز عن الهجرة، ولا طاقة له بالخروج قد استضعفهم المشركون {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} أي لا يعرفون طريقاً يخلصهم من المشركين، لا قوة لهم ولا معرفة طريق {فأولئك عَسَى الله أَن يَعْفُوَ [عَنْهُمْ]} أي إن هؤلاء المستضعفين لعل الله أن يعفو عنهم للعذر الذي هم فيه وهم مؤمنون.
{وَكَانَ الله عَفُوّاً غَفُوراً} أي: بعباده قبل أن يخلقهم ومعناه: لم يزل كذلك.
وقيل: إن (كان) من الله بمنزلة ما في الحال. فالمعنى والله عفو غفور.
وروي أن هاتين الآيتين، والتي بعدهما نزلت في أقوام من أهل مكة كانوا قد أسلموا، وآمنوا، وتخلفوا عن الهجرة مع النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر، وعرض بعضهم على الفتنة فافتتن، وشهد مع المشركين حرب المؤمنين، فلم يقبل الله تعالى معذرتهم وقولهم