ووجه سؤال الله لعيسى عما قد علم أنه لم يفعله: هو على معنى تنبيه المسؤول على الاستعظام، كقولك للرجل:" أفعلت كذا وكذا؟ " - وأنت تعلم أنه لم يفعله - / ليستعظم فعل ما قد سألته عنه، وقيل: إنما سأله عن ذلك على وجه إعلامه أن أمته قد فعلت ذلك بعده، فأعلمه حالهم بعده.
ومعنى:{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} أي: تعلم غيبي، ولا أعلم غيبك حتى تُطلِعَني عليه، {إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغيوب} أي: علام الخَفِيّات من الأمور. وقيل: المعنى: تعلم حقيقتي ولا أعلم (غيبك) ولا حقيقتك.
والنفس - في كلام العرب - يجري على ضربين:
على النفس التي بخروجها يكون الموت، كقولك:" خَرَجَت نفسُ فلان " أي: مات.
ويكون جملة الشيء وحقيقته، تقول:" قَتَل فلان نفسَه "، فليس المعنى (أن) الهلاك وقع ببعضه، إنما وقع بذاته كلها وحقيقته. وأجاز بعضهم الوقف على (ما