{لَقَدْ جَآءَكَ الحق مِن رَّبِّكَ}[يونس: ٩٤]، ومثل هذا كثير.
قال بشر: قد أقررت يا عبد العزيز أن القرآن شيء على صفة ما، وقد قال تعالى:{الله خَالِقُ كُلِّ شَيْ}[الأنعام: ١٠٢، الرعد آية ١٦، الزمر آية ٦٢، غافر آية ٦٢]، وهذه لفظة لم تدع شيئاً من الأشياء إلا أدخلته في الخلق، ولا يخرج عنها شيء، قد تقَصَّتْ جميع الأشياءِ، فصار القرآن مخلوقاً بنص القرآن.
قال عبد العزيز: فقلت: قال الله: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}[الأحقاف: ٢٥]، فهل أبقت الريح - يا بشر - شيئاً لم تدمره؟
قال بشر: لا. قال عبد العزيز: فقلت له: قد - والله - أَكْذَب الله قائل هذا بقوله:{فَأْصْبَحُواْ لاَ يرى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ}[الأحقاف: ٢٥]، فأخبر أن مساكنهم كانت باقية وهي أشياء كثيرة، وقال تعالى:{مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم}[الذاريات: ٤٢]، وقد أتت على الجبال والشجر والأرض فلم تجعله رميماً، وقال عز وجل:{ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ}[النمل: ٢٣]، يعني بلقيس، فهل