وهذه الآية - في قراءة الجماعة - أتت على خلاف نظائرها في القرآن، لأن ما يحمل على اللفظ مرة وعلى المعنى مرة، إنما يتقدم أولاً الحمل على اللفظ ثم يليه الحمل على المعنى، نحو:{مَنْ آمَنَ بالله}[البقرة: ٦٢] ثم قال: {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ}[البقرة: ٦٢]، ونحو {وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً}[الرعد: ١٥] ثم قال: {وَظِلالُهُم}[الرعد: ١٥]، وهو كثير، هكذا يأتي في القرآن وكلام العرب، يتقدم الحمل على اللفظ، ثم يحمل بعد ذلك على المعنى. وهذه الآية تقدم الحمل (فيها) على المعنى فقال: (خالِصَة)، ثم حمل بعد ذلك على اللفظ فقال {وَمُحَرَّمٌ}. ومثله قوله:{كُلُّ ذلك كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً}[الإسراء: ٣٨]، فقال أولاً (سَيئةً) فأنث وحمل على معنى (كل)، لأنها اسم لجميع ما تقدم مما نهى عنه من الخطايا، ثم قال بعد ذلك (مَكْروهاً)، فذكّر على لفظ (كل)، وهذا إنما هو على قراءة نافع ومن تابعه.