بالحق لئن دعوت الله يرزقني لأعطين كل ذي حق حقه، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم، فاتَّخذَ غَنماً، فَنَمَتْ كما تَنْمِي الدود، فضاقت عليه المدينة، فتنحى عنها، ونزل وادياً من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر في جماعة، والعصر في جماعة، ويترك ما سواهما. ثم نمت وكثرت، فَتَنَحَّى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، وهي تَنْمِي حتى ترك الجمعة. وطفِق يلقى الركبان يوم يوم الجمعة، يسألهم عن الأخبار، فسأل النبي عليه السلام عنه فأُخْبر بخبره، بكثرة غنمه وبما صار إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، " يا ويح ثَعْلَبَ " ثلاث مرات، فنزلت {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ".
ونزلت فرائض الصدقة، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم، رجلين على الصدقة، رجُلاً من جُهَينة، والآخر من بني سليم، وأمرهما أن يَمُرَّا بثعلبة، (وبرجل آخر من بني سليم، يأخذان منهما صدقاتهما، فخرجا حتى أتيا ثعلبة)، فقال: ما هذه الأجرة، وما هذه إلا أخت الجزية، ما أدري ما هذا، انطلقا حتى تفرغا، وعودا. فانطلقا، وسمع بهما السُّلمي، فعمد إلى خِيَارٍ إبله، فعزلها للصدقة، ثم استقبلهما بها، فلما رأوها قالوا: ما يجب عليك هذا، وما نريد [أن] نأخذ منك هذا. قال: بل فخذوه فإن نفسي بذلك/ طيبة، فأخذوها منه. فلما فرغا من صدقاتهما