ثم قال تعالى:{وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعاً}: أي: لوفقهم إلى الإيمان بك يا محمد - وبما جئت به. ولكن قد سبق في قضائه من يؤمن، ومن لم يؤمن: وهذا كله رد على المعتزلة الذين يقولون: إن الإيمان والكفر مفوضان إلى العبد، بل كل عامل قد علم الله عز وجل، ما هو عامل قبل خلقه له. ولا تقع المجازاة إلا على ذلك بعد ظهورهم منهم، وإقامة الحجج عليهم.
وقوله {وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعاً} يدل على ذلك ويبينه.
{أَفَأَنتَ} يا محمد {تُكْرِهُ الناس} حتى يؤمنوا بك؟
وفي الإتيان " بجميع " بعد " كلهم " قولان: أحدهما زيادة تأكيد، ونصبه على الحال. وقيل: لما كان كل يقع تأكيداً، ويقع اسماً غير تأكيد أتى معه بما لا يكون تأكيداً، وهو " جميعاً "، فجمع بينهما، ليعلم أن معناهما واحد، وأنه للتأكيد.