للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسجد، في ذلك الزمان، وكان لخدمته فضل عظيم. فرغبا في ذلك. فكانا يليان معالجة ذلك بأنفسهما وتحبيره وكناسته، وكل عمل يعمل فيه. وكلان لا يعمل من أهل زمانها أحد أشد اجتهاداً وعبادة منهما.

فكان أول من أنكر حمل مريم صاحبها يوسف. ولما رأى الذي بها، استعظمه، ولم يدر على ما يضع أمرها، فإذا أراد يوسف أن يتهمها، ذكر صلاحها وبراءتها، وأنها لم تغب عنه ساعة قط /، وإذا أراد يبرئها رأى الذي ظهر عليها. فلما اشتد ذلك عليه كلّمها. فكان أول كلامه إياها أن قال لها: إنه قد حدث في نفسي من أمر أمر، وقد خشيت، وقد حرصت على أن أكتمه وأميته في نفسي، فغلبني ذلك، فرأيت أن الكلام أشفى فيه لصدري. قالت: فقل قولاً جميلاً. قال: ما كنت أقول لك إلا ذلك. فحدثيني هل ينبت زرع بغير بذر؟ قالت: نعم. قال: فهل تنبت شجرة من غير غيث؟ قالت: نعم. قال: فهل يكون ولد من غير ذكر؟ قالت: نعم. ألم تعلم أن الله تعالى أنبت الزرع يوم خلقه من غير بذر، والبذر يومئذٍ إنما صار من الزرع الذي أنبته الله من غير بذر؟ أولم تعلم ان الله بقدرته أنبت الشجر بغير غيث وأنه جعل بتلك القدرة الغيث حياة الشجر بعدما خلق كل واحد منهما وحده؟ أو تقول: لن يقدر الله على أن ينبت الشجر حتى استعان عليه بالماء؟ ولولا ذلك لم يقدر

<<  <  ج: ص:  >  >>