قوله:{ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً}[الإسراء: ٧٣ - ٧٥] فما زال النبي صلى الله عليه وسلم مغموماً بذلك حتى نزلت: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ} إلى قوله: {والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وعلى هذا المعنى ذكره ابن جبير وأبو معادز
وقال ابن عباس: في الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو يصلي إذ نزلت عليه قصة آلهة العرب، فجعل يتلوها، فسمعه المشركون، فقالوا: إنا سمعناه يذكر آلهتنا بخير، فدنوا منه فينما هو يتلوها وهو يقول: أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، ألقى الشيطان أن تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى فجعل يتلوها، فنزل جبريل عليه السلام فنسخها قال له:{وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ} إلى {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وكذلك رواه ابن شهاب على هذا المعنى وان اختلفت الألفاظ.
وقيل: معنى الآية: هو ما يقع للنبي صلى الله عليه وسلم من السهو والغلط إذ قرأ فينتبه إلى ذلك أو ينبهه الله عليه، فيرجع عنه كما يعرض له من السهو في الصلاة فنسخ الله لذلك هو تنبيه نبيه عليه.
وقوله:{ثُمَّ يُحْكِمُ الله آيَاتِهِ}.
هو رجوع النبي صلى الله عليه وسلم عن سهوه وغلطه إلى الصواب، كل بلطف الله وتيسيره له.
وقوله:{وَأَلْقَى الشيطان في أُمْنِيَّتِهِ} أي: وسوس إليه فغلطه في قراءته. وقوله:{لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشيطان فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ}. هو أن المشركين والمنافقين كانوا يطلبون