ذكره علم بجوابهم وسؤالهم قبل خلقهم، فأخبر عن جوابهم من جهة السؤال.
ومن قرأ: لله لله، أتى الجواب من عند المسؤول، وهو الأصل.
قال ابن عباس:" تسحرون ": تكيدون.
وحقيقة السحر أنه تخييل الشيء إلى الناظر أنه على خلاف ماهو به من هيئته. فكذلك معنى {فأنى تُسْحَرُونَ} أي: من أي وجه يخيل لكم الكذب حقاً، والفاسد صحيحاً، فتصرفون عن الإقرار بالحق الذي يدعوكم إليه محمد صلى الله عليه وسلم وفي هذا الآيات دلالة على جواز محاجة الكفار والمبطلين وإقامة الحجة عليهم، وإظهار إبطال الباطل من قولهم ومذبهم، ووجوب النظر في الحجج على من خالف دين الله وقد أمر الله تعالى نبيه في غير ما موضع بالاحتجاج عليهم وعلمه كيف يحتج عليهم، وكذلك أخبر عن إبراهيم عليه السلام بما احتج به على قومه، وأخبرنا الله تعالى أنها حجة أتاها إبراهيم عليه السلام وعلمه إياها، فاحتج بها عقى قومه وبينا لهم خطأهم فيما يعبدون، وكذلك أخبرنا الله في غير موضع باحتجاج الأنبياء على قومهم، وإقامة حجة الله عليهم، ومناظرتهم لهم، وهو كثير في القرآن، دل على جواز إقامة الحجة على أهل الزيغ الكفر. فأما قوله تعالى:{وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ}[العنكبوت: ٤٦] فقد ذكرنا معناها في موضعها. وليست في هذا الباب، ولها معاني قد بيناها.
ثم قال تعالى:{بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بالحق وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.