طاف أَحَدٌ بثيابه ألقاها إذا فرغ/ من طوافه، فلا يأخذها أبداً هو ولا غيره. وكانت العرب تسمي لك الثياب اللُّقى، وسمحوا للمرأة أن تدع عليها درعها. فلم يزل الأمر ذلك حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم فأنزل الله:{ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناس}. يعني قريشاً إذ كانت تفيض من مزدلفة.
وقيل: يعني سائر العرب، إذ كانوا يفيضون من عرفات، فيكون في الكلام على هذا القول تقديم وتأخير، وفي ذلك أنزل:{يابنيءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ واشربوا}[الأعراف: ٣١] فأباح لهم ما حرموا على أنفسهم من لبس الثياب، والطعام والشراب. وقد قيل: إن " ثُمَّ " بمعنى الواو في هذا.
فأما المعنى على قول الضحاك: فثم على بابها، لأنه يقول: أمرهم أن يفيضوا من جمع، والإفاضة من جمع لا شك أنها بعد الوقوف بمزدلفة وبعد الإفاضة من عرفات.
وقد قال الطبري:" إن من قال: إنه عرفات، ففي الكلام تقديرم وتأخير، وتقدير. ومعناه:{فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحج}، {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناس واستغفروا الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله}، قال: " ولولا الإجماع من أهل التأويل على أن المراد بقوله {ثُمَّ أَفِيضُواْ} من عرفات، لكان قول الضحاك هو لوجه