لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إلى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ الناس} [يونس: ٢] وقال: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ فاسألوا أَهْلَ الذكر}[النحل: ٤٣]، يعني: أهل الكتب الماضية فيخبرونكم أن الرسل التي كانت تأتي، بشر مثلكم، فلا يجب لكم أن تنكروا إرسال مثل محمد إليكم، إذ هو بشر مثلكم. وقال:{وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ القرى}
[يوسف: ١٠٩]، أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم فال: فلما كرر (عليهم تعالى) الحُجَج، قالوا: فإن كان بشراً فغير محمد أحق بالرسالة فلولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، أي: كل واحد منهما أشرف من محمد في المال والذكر، يعنون: الوليد بن المغيرة المخزومي - وكان يسمى ريحانة قريش - من أهل مكة، ومسعود بن عمرو بن عبيد الثقفي من أهل الطائف، قال الله:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ}، أي: ربك يا محمد يفعل ما يشاء.
قال تعالى:{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحياة الدنيا}، أي: نحن نقسم الرحمة بين من شئنا من خلقنا فنجعل من شئنا نبياً، ومن شئنا مؤمناً، ومن شئنا كافراً، كما قسمنا بينهم معيشتهم التي يعيشون فيها في دنياهم، فجعلنا بعضهم أرفع من بعض، فوسعنا على بعض وضيقنا على بعض، وجعلنا بعضهم ملوكاً وبعضهم مملوكين.