للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رؤية الله في أرض المحشر عامة]

الرؤية التي تكون في المحشر هل هي للناس عامة أو للمؤمنين خاصة؟ الأحاديث التي جاءت فيها تدل على أنها ليست خاصة بالمؤمنين، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة الطويل: (أنه إذا شفع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه جل وعلا ليفصل بين خلقه يقول: ثم آتي وأقف مع الناس -يعني: في الموقف- ثم يأتي رب العزة جل وعلا فيقول: يا عبادي! أليس عدلاً مني أن أولي كل واحد منكم ما كان يتولاه في الدنيا فيقولون: بلى يا رب! فيؤتى بكل معبود عُبد في الدنيا من الأصنام وغيرها، أما إذا كان المعبود من عباد الله الصالحين فإنه يؤتى بتمثاله بصورته بشيطان على صورة ذلك المعبود ثم يقال لهم: اتبعوهم، فيتبعونهم إلى النار ويكبكبون هم ومعبوداتهم فيها -كما قال جل وعلا: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء:٩٨]- فيبقى المؤمنون ومعهم المنافقون، فيأتيهم الله جل وعلا في صورة غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم ماذا تنتظرون وقد ذهب الناس؟! فيقولون: فارقناهم أحوج ما كنا إليهم، وإن لنا رباً ننتظره، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك! هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيقول: هل بينكم وبينه آية؟ فيقولون: نعم الساق، فيكشف عن ساقه جل وعلا فيخر له كل مؤمن ساجداً، ويبقى المنافقون ظهر أحدهم طبقاً واحداً كلما أراد أن يسجد خر على قفاه) ، وهذا تفسير لقوله جل وعلا: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم:٤٢-٤٣] ، يعني: كانوا في الدنيا يدعون إلى السجود وهم أصحاء ليس فيهم علة فيأبون الإجابة، فجزاءهم أنهم منعوا من السجود، وهذا يدلنا على أن المنافقين يرون الله جل وعلا في ذلك الموقف، ولكن هذه الرؤية ليست رؤية نعيم، بل رؤية عذاب والعياذ بالله!

<<  <  ج: ص:  >  >>