قول المعتزلة والجهمية ظاهر البطلان، ولا حاجة إلى التكلف في رد ذلك والاستدلال على بطلانه؛ لأنه معلوم أن من قال: إن القرآن مخلوق فهو كافر بالله جل وعلا؛ لأنه يجعل صفة من صفات الله تعالى مخلوقة، وإذا كانت صفة من صفاته مخلوقة فيلزم من ذلك أن الله جل وعلا مخلوق تعالى الله وتقدس، وهذا كفر لا إشكال فيه؛ ولهذا نص العلماء على أن من قال: إن كلام الله مخلوق فإنه كافر، وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان في المقبرة في جنازة تبعها، فقال رجل: اللهم رب القرآن اغفر له، فقال: مه! القرآن كلام الله وليس مربوباً؛ لأن المربوب مخلوق، ولكن يقال: الذي تكلم بالقرآن ويقال: بالقرآن اغفر لي أو اغفر له، فيسأل الله به ويقسم به؛ لأنه صفة من صفاته جل وعلا، ذكر فيه الأوامر والنواهي والأخبار التي يخبر بها سواء كانت في الماضي أو في المستقبل، وفيه أنه يخاطب من يشاء ويقول ما يشاء كما قال جل وعلا:(وإذ قال ربك للملائكة اسجدوا لآدم) متى قال هذا؟ هل قال هذا القول قبل أن يوجد آدم وقبل أن توجد الملائكة؟! وأخبر الله جل وعلا أنه خاطب الملائكة وسمعوا قوله فسجدوا إلا إبليس أبى، ثم إن الله كلم إبليس وخاطبه:{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص:٧٥] ، وصارت محاورة، والأدلة على هذا لا حصر لها كثيرة جداً، فنقول: إن بطلان هذا المذهب ظاهر جداً؛ ولهذا نص العلماء على كفر من قال به لظهور بطلانه وللأدلة الكثيرة التي إنكارها إنكار للضروري.