وغلط المرجئة من حيث العموم من وجهين: الوجه الأول: ظنهم أن الإيمان والمعرفة إذا وجدت في القلب فإنها تكون هي الإيمان، وأنها تكون منفكة عن عمل القلب وتحركه، في إنابته، وإرادته، وخوفه، وخشيته، وغير ذلك، وغلطوا في هذا غلطاً عظيماً؛ لأن الإنسان يعرف التفاوت العظيم بين الناس في هذه الأمور، فضلاً عن غلطهم في إخراج عمل الجوارح عن الإيمان.
الوجه الثاني: أنهم ظنوا أن كل من حكم الله جل وعلا بكفره أو حكم الرسول صلى الله عليه وسلم بكفره، فإنما هو لخلو قلبه من العلم والمعرفة، فعندهم -مثلاً- إبليس ما عرف الله، وفرعون ما عرف ما جاء به موسى، وهكذا بقية الكفار، وهذا من أعظم الغلط أيضاً.
والمقصود: ذكر الأصول التي يأخذون بها، والتي غلطوا فيها وخالفوا أهل السنة حتى يتبين للإنسان سلامة مذهب أهل السنة، وأنهم على يقين من ذلك وعلى أصل أصيل، وأن المخالفين لهم غالطون غلطاً بيناً واضحاً.
أما الفرقة الثالثة التي قالت: إن الإيمان قول وتصديق، فإن بعضهم يجعل هؤلاء من مرجئة الفقهاء، ولكن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية إن مرجئة الفقهاء لا يقتصرون على هذا، فإنهم لا يقولون إن الإيمان قول وتصديق فقط، بل يجعلون الأعمال إما من مقتضى التصديق أو من واجباته ومن لوازمه، ويتفقون مع أهل السنة على أن الذي يترك العمل الذي وجب عليه، أو يفعل ما حظر عليه من المحرمات، أنه مستوجب للعقاب، فإذا كانوا متفقين مع أهل السنة في ذلك، فيصبح الخلاف لفظياً، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان.