وقوله:{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[الفرقان:٢] ، هذا كما سبق أنه من كمال صفاته جل وعلا، فالملك من صفات الأفعال.
وقوله:{وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}[الفرقان:٢] ، يعني: أنه تعالى وتقدس له الصفات الكاملة في كل ما يتصف به، سواء كان مما يفعله ويوجده، فله كماله وتمامه، أو كان مما اتصف به في ذاته تعالى وتقدس.
وهذا يدل أيضاً على أن صفات الرب جل وعلا لا يجوز أن تكون مماثلة لصفات الخلق؛ لأن الصفات تبع للذات يحتذى بها حذوها، أي: أن الموصوف تكون صفته تابعة لذاته التي هذه الصفة تكون وصفاً لها، فالمخلوق إذا وصف بأنه عليم فعلمه يليق به، ولابد أن يكون ناقصاً، ولابد أن يكون جاهلاً قبل العلم، ولا بد أن يموت ويذهب علمه، وكذلك إذا وصف المخلوق بأنه كريم أو بأنه رحيم أو بأنه رءوف، فكما يناسبه.
ولكن إذا وصف الرب جل وعلا بأنه عليم، وبأنه عالم الغيب، وبأنه رءوف رحيم، وبأنه كريم، فلا يكون وصفه مشابهاً لما اتصف به المخلوق، بل له الكمال المطلق في ذاته وفي أوصافه.
وقوله:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ}[الفرقان:٢] ، هذا يدلنا على أن كل الأشياء مخلوقة، ولا يخرج عن خلق الله شيء من المخلوقات، أما صفاته تعالى وتقدس، مثل كلامه، وسمعه، وبصره، وعلمه؛ فهذه لا تكون قائمة بنفسها منفكة عنه، حتى يقال إنها غير الله فتكون داخلة في قوله:((َخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ)) ، بل هي صفات له لا تنفك عنه ولا تفارقه، فلا تكون غيره، كما أنها لا تكون هي هو، فلا يجوز أن يقال إن أوصافه تعالى وتقدس دخلت في هذا العموم، كما يقوله أهل الباطل.
وقوله:{فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}[الفرقان:٢] ، يدلنا على الدقة في خلق الله جل وعلا، وفي تقديره، وأنه تعالى وتقدس علم الأشياء قبل وجودها، وقدرها قبل وجودها، وأنها توجد على وفق تقديره بلا زيادة ولا نقصان، ولا تقدم ولا تأخر، وهذا يدل على الإيمان بالقدر، وسيأتي.